responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 717
الدُّنْيَا مَلَاذَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِدْرَاجِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَعْدُودَةٌ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ بَيْنَ الْأَشْعَرِيِّ وَالْمَاتُرِيدِيِّ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ بَيْنَهُمَا لَفْظِيًّا وَإِنْ عَدَّهُ السُّبْكِيُّ فِي عِدَادِ الْخِلَافِ الْمَعْنَوِيِّ.
وَقَوْلُهُ: ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ احْتِرَاسٌ مِنْ أَنْ يَغْتَرَّ الْكَافِرُ بِأَنَّ تَخْوِيلَهُ النِّعَمَ فِي الدُّنْيَا يُؤْذِنُ بِرِضَى اللَّهِ فَلِذَلِكَ ذَكَرَ الْعَذَاب هُنَا.
و (ثُمَّ) لِلتَّرَاخِي الرُّتَبِيِّ كَشَأْنِهَا فِي عَطْفِ الْجُمَلِ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إِلَى كَوْنِ مَصِيرِهِ إِلَى
الْعَذَابِ مُتَأَخِّرًا عَنْ تَمْتِيعِهِ بِالْمَتَاعِ الْقَلِيلِ.
وَالِاضْطِرَارُ فِي الْأَصْلِ الِالْتِجَاءُ وَهُوَ بِوَزْنِ افْتَعَلَ مُطَاوِعُ أَضَرَّهُ إِذَا صَيَّرَهُ ذَا ضَرُورَةٍ أَيْ حَاجَةٍ، فَالْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ اضْطُرَّ قَاصِرًا لِأَنَّ أَصْلَ الْمُطَاوَعَةِ عَدَمُ التَّعَدِّي وَلَكِنَّ الِاسْتِعْمَالَ جَاءَ عَلَى تَعْدِيَتِهِ إِلَى مَفْعُولٍ وَهُوَ اسْتِعْمَالٌ فَصِيحٌ غَيْرُ جَارٍ عَلَى قِيَاسٍ يُقَالُ اضْطَرَّهُ إِلَى كَذَا أَيْ أَلْجَأَهُ إِلَيْهِ، وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ لُقْمَانَ [24] :
نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ.
وَقَوْلُهُ: وَبِئْسَ الْمَصِيرُ تَذْيِيلٌ وَالْوَاوُ لِلِاعْتِرَاضِ أَوْ لِلْحَالِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ هُوَ الْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ وَتَقْدِيره هِيَ.
[127]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 127]
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127)
هَذِهِ مَنْقَبَةٌ ثَالِثَةٌ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَتَذْكِيرٌ بِشَرَفِ الْكَعْبَةِ، وَوَسِيلَةٌ ثَالِثَةٌ إِلَى التَّعْرِيضِ بِالْمُشْرِكِينَ بَعْدَ قَوْلِهِ: رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً [الْبَقَرَة:
128] إِلَخْ، وَتَمْهِيدٌ لِلرَّدِّ عَلَى الْيَهُودِ إِنْكَارَهُمُ اسْتِقْبَالَ الْكَعْبَةِ الَّذِي يَجِيءُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
سَيَقُولُ السُّفَهاءُ [الْبَقَرَة: 142] وَلِأَجْلِ اسْتِقْلَالِهَا بِهَاتِهِ الْمَقَاصِدِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تَضَمَّنَتْهَا الْآيَاتُ قَبْلَهَا عُطِفَتْ عَلَى سَوَابِقِهَا مَعَ الِاقْتِرَانِ بِإِذْ تَنْبِيهًا عَلَى الِاسْتِقْلَالِ.
وَخُولِفَ الْأُسْلُوبُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الظَّاهِرُ فِي حِكَايَةِ الْمَاضِي أَنْ يَكُونَ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي بِأَنْ يَقُولَ وَإِذْ رَفَعَ إِلَى كَوْنِهِ بِالْمُضَارِعِ لِاسْتِحْضَارِ الْحَالَةِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 717
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست